وقوله تعالى: {فليستعفف}
  تعالى: {إِسْرافاً} أي: متجاوزين ما أبيح لكم من الأجرة، وما ذكر في تفسير المعروف.
  وقوله تعالى: {وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا} أي: تبادرون الأكل خشية كبر الصبي فيأخذ ماله.
  وأما بيان ما رخص للأولياء من أموال اليتامى، فقد قال تعالى: {وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ} والظاهر أنه أراد فليأكل من مال اليتيم، وذكر الأكل لأنه معظم الانتفاع.
  وقيل: إنه يعبر بالأكل عن الانتفاع، وروي عن ابن عباس: «فليأكل من مال نفسه، لا من مال اليتيم» واستبعد.
  وقد اختلف المفسرون هل في هذه الآية نسخ أم لا؟ فقيل: إن هذه الرخصة منسوخة بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً}[النساء: ١٠]
  فلا يحل لفقير ولا لغني أن يأكل من مال اليتيم، وبقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الأنعام: ١٥٢].
  وقال الأكثر من المفسرين، وسائر العلماء: إن هذا غير ناسخ؛ لأن الأكل بالمعروف غير ظلم، وهو من الأحسن، ثم اختلفوا ما المراد بذلك المعروف؟ فقيل: أراد الأجرة، وهذا يروى عن عائشة، ومحمد بن كعب، وواصل، وجماعة من المفسرين، والفقهاء، وقواه الحاكم، وهو الظاهر من أقوال الأئمة $.
  وقوله تعالى: {فَلْيَسْتَعْفِفْ} في ذلك إشارة إلى أن ترك(١) الأكل بالمعروف على طريق الأولوية.
(١) وفي نسخة (إلى أن تركه).