تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب}

صفحة 139 - الجزء 5

قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}⁣[ص: ٣٤ - ٣٥]

  اعلم أن هذه الآية الكريمة قد أفادت أن سليمان أذنب ذنبا صغيرا واستغفر منه، وأنه سأل ملكا لا يكون لغيره.

  أما ذنبه فقد قال الحاكم قد روية روايات كثيرة وفيها اختلاف وفيها ما لا يجوز على الله تعالى، ولا على أنبيائه، والذي قاله علماؤنا وعلماء التفسير ما روي عن النبي ÷ أن سليمان # قال: أطوف الليلة على مائة امرأة فتلد كل امرأة غلاما يقاتل في سبيل الله ولم يقل: إن شاء الله، فطاف فلم تحبل إلا امرأة واحدة فولدت نصف غلام، فجاءت به القابلة فألقته على كرسيه بين يديه، ولو قال: إن شاء الله كان كما قال، فكان هذا الابتلاء لترك الاستثناء لمشيئة الله، والجسد هو نصف الغلام.

  وقيل: ولد لسليمان ولد فخاف سليمان من الشيطان أن يقتله؛ لأن الشياطين أرادوا الاحتيال في قتله، وقالوا: نخاف أن يعذبنا كما عذبنا أبوه فأمر سليمان السحاب أن تحمله، وأمر الريح تحمل له الغداء فمات الولد وألقي ميتا على كرسيه، فكان ابتلاؤه لخوفه من الشيطان فهوى الجسد، وهو مروي عن الشعبي.

  وقيل: بل ولد له ولد ميت جسد بلا روح، فألقي على كرسيه عن أبي علي.

  وقيل: ابتلي بمرض شديد فصار جسدا لا حراك له مشرفا على الموت، كما يقال: لحم على وضم⁣(⁣١) عن أبي مسلم، والتقدير: فألقيناه على كرسيه فحذف الهاء.


(١) الوضم هو صرف الجرار تمت