تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {لا يألونكم خبالا}

صفحة 219 - الجزء 2

  قيل: نزلت في قوم صافوا بعض المشركين من اليهود، لما كان بينهم في الجاهلية من الصداقة والرضاعة، والجوار، روي ذلك عن ابن عباس، والحسن

  وقيل: نزلت في قوم من المؤمنين، كانوا يصافون المنافقين، ويخالطونهم، فنهوا عن ذلك، عن مجاهد، وأبي مسلم، والقاضي.

  قال الحاكم: وهو اللائق؛ لأن وصفهم يأتي من بعد.

  واختلف في الاستعانة بهم، فالمذهب جوازه، كما تقدم⁣(⁣١)، إذا لم يتعمد على مشورتهم، ومنهم من منعه، وهو مروي عن عمر، وروي أن عمر استدل على منعه بالآية.

  وقوله تعالى: {لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً} أي: لا يقصرون في إنالتكم الخبال، وهو الفساد، قال في الثعلبي: وفي الحديث عنه ÷: (لا تستضيئوا بنار المشركين) أي: لا يعمل برأيهم.

  وروي أن أبا موسى الأشعري، قال لعمر: «إن عندنا كاتبا نصرانيا حافظا، من شأنه كيت وكيت؟ فقال: ما لك قاتلك الله، أما سمعت قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً} وقوله تعالى: {لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ}⁣[المائدة: ٥١] هلا اتخذت حنيفيا، قال: «فقلت⁣(⁣٢): له دينه، ولي كتابته؟ قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله تعالى، ولا أعزهم إذ أذلهم الله تعالى، ولا أدنيهم إذ أبعدهم الله تعالى»⁣(⁣٣).


(١) تقدم في قوله تعالى: {لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} الآية في هذه السورة.

(٢) في نسخة (قال: قلت: له دينه).

(٣) وسيأتي إعادة ذكره في آخر المائدة في قوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ}.