تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا}

صفحة 512 - الجزء 2

  وقيل: يحتمل أن معنى قوله تعالى: {وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} أي: ولو كانت الشهادة وبالا ومضرة على أنفسكم وآبائكم، بأن تكون الشهادة على سلطان ظالم، وهذه المسألة فيها خلاف بين الفقهاء إذا خشي مضرة دون القتل هل تجب عليه الشهادة أم لا؟ فقيل: تجب؛ لأنه لا يحفظ ماله بتلف مال غيره.

  وعن الشافعي، والمتكلمين، وصحح للمذهب: أنه لا يجب؛ لأن الشهادة أمر بمعروف، وشروطه ألا يؤدي إلى منكر، ولكن إنما يسقط عنه أداء الشهادة بحصول الظن بمضرته لا بمجرد الخشية، وقد قال المؤيد بالله في الإفادة: على الشاهد أن يشهد وإن خشي على نفسه وماله؛ لأن الذي يخشاه مظنون، ولعله غير كائن، فأوّل على أن مراده مجوز، لا أنه قد ظن حصول المضرة.

  وهل تجوز له الشهادة مع الخشية على نفسه؟.

  قال في شرح الإبانة: يجوز إذا كان قتله إعزازا للدين، كالنهي عن المنكر، أما لو كتم لغير عذر فلا إشكال في عصيانه.

  وعن ابن عباس: ذلك من الكبائر.

  وقوله تعالى: {فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا} في معنى ذلك وجوه ثلاثة:

  الأول: أن المراد لا تتبعوا الهوى لتعدلوا أي: لتكونوا فاعلين للعدل، كقولك: لا تتبع هواك لترضي الله، أي: كيما ترضي الله، وهذا مروي عن الفراء.

  الثاني: أن المراد فلا تتبعوا الهوى كراهة لفعل العدل بين الناس، وإرادة لفعل الجور والحيف.