وقوله تعالى: {فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت}
  أم مفترقين؛ لأن الله تعالى علق الحكم بالعدد دون الاجتماع وهذا مذهبنا وهو قول الشافعي.
  وقال (أبو حنيفة وأصحابه، ومالك): إذا افترقوا كانوا قذفه ولم يحكم بشهادتهم لأنا لو قلنا: إنهم لا يكونون قذفة مع الافتراق لزم أن لا يثبت حد القذف لأنه يجوز في كل وقت التمام للشهادة، واشتراط عدد الأربعة في الشهود لا يفترق الحال بين أن يشهدوا على حر أو عبد، أو على إتيان المرأة في قبلها أو دبرها، أو إتيان الذكر؛ لأن ذلك يطلق عليه اسم الفاحشة.
  وقوله تعالى: {فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ} هذا كان هو الواجب في زنى المرأة أن تحبس وتخلّد في الحبس إلى الموت {أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}: قيل: السبيل النكاح لأنهن يعففن به، وقيل: الحد؛ لأن آية الحد التي في النور وهي قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] لما نزلت، قال النبي ÷: «خذوا عني، قد جعل الله لهم سبيلا، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم»(١).
  وقوله تعالى: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ} أي: ملك الموت، ثم أن الحبس نسخ، واختلفوا بما نسخ، فقيل: بآية النور؛ لأن الكتاب إنما
(١) أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٣١٣، ٣١٧، ٣١٨، ٣٢٠، ٣٢١)، الرسالة (١٢٩، ٢٤٧) ومسلم في صحيحه (٣/ ١٣١٦) كتاب الحدود باب حد الزنا حديث (١٢/ ١٦٩٠)، وأبو داود (٤/ ٢٠٢) كتاب الحدود باب في الرجم (ح / ٤٤١٥)، والترمذي (٤/ ٤١)، حديث (١٤٣٤)، والدارمي (٢/ ١٨١)، كتاب الحدود، وابن أبي شيبة (١٠/ ٨)، وأبو داود الطيالسي (١/ ٣٩٨) رقم (١٥١٤)، وابن حبان (٤٤٠٨، ٤٤٠٩، ٤٤١٠، ٤٤٢٥ الإحسان) ومصادر أخرى عديدة ينظر الناسخ والمنسوخ لعبد الله بن الحسين (بتحقيقنا) (ص) (٨٥).