وقوله تعالى: {أنى شئتم}
  تفسير الآية: {حَرْثٌ لَكُمْ} أي: موضع حرث؛ لأن الحرث الزرع، قال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ}[الواقعة: ٦٣] وهذا من الكنايات المستحسنة في كتاب الله.
  قال الزمخشري: وعلى المؤمنين أن يتأدبوا بها في محاوراتهم، ومكاتباتهم، حيث شبه النساء بالمحارث، والنطفة بالبذرة، والولد بالزرع.
  وقيل: أراد كحرث لكم، فحذف كاف التشبيه، كقوله تعالى: {حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً}[الكهف: ٩٦] وقيل: إن العرب تسمي النساء حرثا، قال الشاعر:
  إذا أكل الجراد حروث قوم ... فحرثي همه أكل الجراد
  يريد امرأتي، وقال آخر:
  إنما الأرحام أرضون ... لنا محترثات
  فعلينا الزرع فيها ... وعلى الله النبات
  وقوله تعالى: {أَنَّى شِئْتُمْ} كيف شئتم، من أمام أو خلف، بعد أن يكون المأتي واحدا، وهو موضع الحرث.
  عن سعيد بن المسيب: المعنى إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم لا تعزلوا، واستدل على هذا التأويل بما روي عن ابن عباس أنه سئل عن العزل، فقال: حرثك فإن شئت فأعطش، وإن شئت فارو، وقد اختار هذا الإمام يحي #.
  وعن عبد الله(١): «تستأمر الحرة لا الأمة» وهذا مذهب الأكثر؛ لأن بإذنها ترتفع المضارة.
(١) هو عبد الله بن مسعود، وقد تقدم أنه إذا أطلق هنا، فالمراد به ابن مسعود.