وقوله تعالى: {وإن تحسنوا وتتقوا}
  البغضة، ومنه يقال: نشز من الأرض لما ارتفع، وذلك بأن يمنعها نفسه ونفقته، أو أن يؤذيها بسب أو ضرب، ويظهر لها خلاف المودة والرحمة، التي بين الرجل والمرأة، والإعراض هو: أن يعرض عنها بوجهه أو منافعه، أو يقل محادثتها ومؤانستها لسبب؛ إما لطعن في السن، أو دمامة خلق(١) أو كراهة شيء من خلقها، أو خلقها، أو تطمح نفسه إلى غيرها {فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا} قرئ بغير ألف، وضم الياء، وكسر اللام، وقراءة الأكثر: يَصَّالَحَا بفتح الياء والصاد، مع تشديدها، والألف بين الصاد واللام، وهو بمعنى الموافقة بينهما، والمعنى مع هذه القراءة أظهر، فيحصل التصالح بإسقاط حق، أو مال من النفقة والمهر، أو بعضه، أو القسمة.
  وقوله تعالى: {وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا} قيل: الإحسان من المرأة بأن تسقط حقها أو بعضه ليحصل الصلح وقرار القلوب، وهي الممدوحة، قيل: الممدوح الزوج، والإحسان منه أن يقوم بالحقوق مع كراهته إياها، مراعاة لحق الصحبة، ويتقى النشوز والإعراض.
  قوله تعالى: {فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ} أي: من الإحسان {خَبِيراً} فيجازيكم بالإثابة عليه.
  قال جار الله: وكان عمران بن حطان الخارجي من آدم بني آدم، وكانت امرأته من أجملهم فأجالت نظرها في وجهه يوما، ثم تابعت الحمد لله، فقال مالك؟ فقالت: حمدت الله تعالى على أني وإياك من أهل الجنة، قال: كيف؟ قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت الله، ورزقت مثلك فصبرت، وقد وعد الله تعالى الجنة عباده الشاكرين والصابرين(٢).
(١) في (ب): أو دمامة في الخلق.
(٢) الكشاف (١/ ٥٦٨).