تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين}

صفحة 124 - الجزء 1

  والأفكار الصالحة التي هي أجل الأعمال، وأعظم الطاعات، وإنما جرى ما جرى تفظيعا لحال الخطيئة، ليكون لطفا له ولذريته في اجتناب الخطايا، وأنه إذا أخرج من الجنة بخطيئة واحدة، فكيف يدخلها ذو خطايا جمة. شعرا:

  تصل الذنوب إلى الذنوب وترتجي ... درج الجنان بها وفوز العابد

  أنسيت أن الله أخرج آدم ... منها إلى الدنيا بذنب واحد

  وعن ابن عباس: «أنهما بكيا مائتي سنة»، وعن بعضهم: «لما أهبطا لم يرفع آدم رأسه ثلاثمائة سنة من الحياء».

  واختلف العلماء في من تاب ثم واقع المعصية، هل يعود العقاب أم لا⁣(⁣١)؟ وفي من ارتكب كبيرة ثم تاب هل يعود ما أبطلته الكبيرة من الثواب؟ فقيل: يعود العقاب والثواب، والظاهر من كلام المتكلمين أنهما لا يعودان، وقال أبو القاسم: يعود الثواب لا العقاب⁣(⁣٢).

  وكذلك اختلفوا في من تاب من ذهب مع الإقامة على غيره، فصحح ذلك أبو علي، والمؤيد بالله، والمنصور بالله، ومنع منه أبو هاشم.

  قوله تعالى: {وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}⁣[البقرة: ٤١ - ٤٣]


(١) بشر بن المعتمر: يعود عقاب الأولى. قلنا: سقط بالتوبة، والفعل الثاني متجدد (مقدمة البحر).

(٢) وهل يتجدد الثواب في المستقبلعلى طاعاته الماضية كالمستقبلة إذ سقوط ثوابها بالماضي بالموازنة لا يصيرها كالمعدومة، بخلاف سقوط المعصية بالتوبة، فليس بالموازنة، بل بالتوبة صارت كالمعدومة، فبطلت في الحال والمآل. (مقدمة البحر).