تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة}

صفحة 382 - الجزء 1

  الحرم؛ لأنهم كانوا يعيبون المسلمين بذلك فقيل: شرككم⁣(⁣١) أعظم من القتل في الحرم، قال الزمخشري: ويجوز أن يراد وفتنتهم إياكم بكونهم صدوكم عن المسجد الحرام، فذلك أشد من قتلكم لهم في الحرم، أو من قتلهم لكم لو قتلوكم، فلا تبالوا بقتالهم، بل {اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}⁣(⁣٢).

  وقرئ في السبع⁣(⁣٣) (ولا تقتلوهم ... حتى يقتلوكم، ... فإن قتلوكم فاقتلوهم) جعل القتل في بعضهم كالقتل في جميعهم.

  وقوله تعالى: {فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} دل ذلك على قبول التوبة من كل ذنب؛ لأن الكفر أعظم الذنوب، فيبطل قول من قال: لا توبة لقاتل.

  ويدل على: سقوط الواجبات على الكافر من حد، وقتل، وحق، كقوله تعالى في سورة الأنفال: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨] وقوله ÷: «الإسلام يجب ما قبله» هذا إن فسر الإنتهاء بالتوبة، وهو الظاهر، وإن فسر بترك ابتدائهم القتال، فالتقدير فاعفو عنهم، وهو خبر بمعنى الأمر، لكن قيل: ذلك العفو منسوخ بآية السيف.

  وقوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: حتى لا يكون شرك دلت على وجوب الجهاد حتى يزول الكفر⁣(⁣٤).

  وفي الآية دلالة على أن كفار العرب لا تقبل منهم الجزية؛ لأن الآية مسوقة فيهم


(١) في ب (شركهم).

(٢) الرواية من الكشاف بالمعنى، ولفظ الكشاف (ويجوز أن يراد: وفتنتهم إياكم بصدّكم عن المسجد الحرام أشدّ من قتلكم إياهم في الحرم، أو من قتلهم إياكم إن قتلوكم فلا تبالوا بقتالهم).

(٣) حمزة، والكسائي - بغير ألف في الجميع، الباقون بالألف. (التهذيب للحاكم).

(٤) أو شوكته. (ح / ص).