قوله تعالى: {للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسئلون الناس إلحافا}
  ملكها من وجه محظور، كهدية العمال، وإن كان الذي يسلم لأجله مباحا، فهذا يحتمل أن يقال: هو كالأجرة في الأجارات الفاسدة.
  قوله تعالى: {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً}[البقرة: ٢٧٣]
  قيل: نزلت في فقراء المهاجرين لم يكن لهم مسكن، ولا عشائر في المدينة، كانوا يلزمون المسجد، ويتعلمون القرآن، ويصومون، ويخرجون في كل سرية، وهم أصحاب الصفة(١).
  والتقدير: اجعلوا صدقاتكم للفقراء، أو يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره: صدقاتكم للفقراء.
  وقوله تعالى: {أُحْصِرُوا} أي: منعهم الجهاد من الضرب في الأرض للتكسب.
  ثمرة هذه الآية: الحث على اختيار المصرف، وأنه ينظر في وجوه الخير، من شدة الفقر، والاشتغال بالطاعة، والعجز عن التصرف، والتعفف عن السؤال، وظهور سيماء الخير، فهذه خصال مرجحة، ومزايا(٢) يتفاوت بها الفضل في الثواب.
  وقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} أي:
(١) أصحاب الصفة: قال في الكشاف: (وقيل هم أصحاب الصفة، وهم نحو من أربعمائة رجل من مهاجري قريش لم يكن له مساكن في المدينة ولا عشائر، فكانوا في صفة المسجد - وهي سقيفته - يتعلمون القرآن بالليل، ويرضخون النوى بالنهار. وكانوا يخرجون في كل سرية بعثها رسول الله ÷، فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى).
(٢) في نسخة (ومراتب)