وقوله تعالى: {وأنتم تعلمون}
  وقيل: نزلت في حاطب بن أبي بلتعة؛ لما كتب إلى مكة حين هم النبي ÷ بالخروج إليها، فكتب إليهم.
  ثمرة الآية: النهي عن خيانة الله ورسوله، وقد فسر ابن عباس بأن المعنى: لا تخونوا الله بترك فرائضه، والرسول بترك سننه.
  وعن الحسن: من ترك شيئا من الدين فقد خان الله، واختاره قاضي القضاة، وقيل: لا تخونوا بإظهار الدين في العلانية، والمخالفة في السر، وفعل المنافقين عن الحسن، والسدي، وأبي مسلم.
  وقيل: {لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ} في مال الله الذي هو الغنائم، وسائر أموال الله، وقيل: بترك النصيحة في دين الله، وقيل: بإفشاء السر، {وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ} قيل: إذا خانوا الله فقد خانوا أماناتهم، وقيل: المعنى: أمانة بعضكم لبعض.
  وقيل: الأموال أمانة في أيديكم فلا تخونوها في إنفاقها في المعاصي، فيدخل في الخيانة جميع ما ذكر، وكذلك إفشاء سر الغير.
  ومنها الحديث: «المجالس بالأمانات» وفي حديث آخر عنه ÷: «إذا كلمك أخوك بكلمة فالتفت فتلك أمانة».
  ويدخل في الخيانة عدم الحفظ، والتفريط في الأمانات، والفتوى بغير حق، وكتم العلم؛ لأن في الحديث: «العلماء أمناء الله على خلقه».
  وقوله تعالى: {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} دل أن ذنب العالم بالخطيئة أعظم(١).
  وقوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} يعني: امتحانا شديدا في التكليف، وخص المال والولد لأنهما الداعيان إلى الخيانة، والحرص على تثمير المال.
(١) وقد تقدم في أول البقرة في قوله تعالى: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.