تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {أفحكم الجاهلية يبغون}

صفحة 129 - الجزء 3

  النظيري، ودية القرظي على النصف من دية النظيري، ولما قال النبي ÷ بالاستواء، وكان بينهم قتل قالوا: لا نطيعك في رجم الزانيين، ونأخذ في الدية والقصاص بما كنا عليه.

  وقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ}⁣[المائدة: ٥٠]

  قال الأصم: هذا مما كانوا حرفوا من حكم التوراة في القصاص والدية، فبين الله تعالى أن حكم التوراة بخلاف ما هم عليه، فقال تعالى: {وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها} أي: فرضنا في التوراة، وقيل: كان الفرض في اليهود القصاص وفي النصارى الدية⁣(⁣١)، فخير الله تعالى المسلمين بين القصاص والدية والعفو تخفيفا ورحمة عليهم، وفي هذه الآية دلالة على أن ذلك مشروع في التوراة وهل يلزمنا ذلك من غير دليل من شريعتنا.

  هو على الاختلاف بين العلماء، فعندنا يلزم، وهو قول أبي حنيفة، وعند الشافعي لا يلزم، واختاره الحاكم إلا أن يدل دليل يقرر ذلك، وقد ورد قوله تعالى في سورة البقرة: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ} الآية، وقوله تعالى في سورة بني إسرائيل: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً} وقوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ يا أُولِي الْأَلْبابِ} وورد في السنة قوله ÷: «من قتل قتيلا فأهله بين خيرتين: إن أحبوا قتلوا، وإن أحبوا أخذوا الدية» وحديث الرّبيّع بنت معوذ أنها لما كسرت سن جارية⁣(⁣٢) يعني غير مملوكة فأمر النبي ÷ بكسر سنها،


(١) تقدم في تفسير قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ} لكن في الثمرات هناك ما ظاهره يخالف ما هنا. وفي البغوي شرح هناك بمثل ما هنا فليحقق والله أعلم.

(٢) امرأة صغيرة حرة.