تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد}

صفحة 208 - الجزء 3

  وهو قول أبي حنيفة، وأحد قولي الشافعي؛ لأنه من صيد الحرم، ولأن من دخله كان آمنا، فقد صار منهيا عنه، وأحد قولي الشافعي: أنه حلال، والاستدلال بالآية محتمل وهو قوله تعالى: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً} هل يريد: التصيد؟ فهو صاده وهو غير داخل في اسم الحرم، أو يريد المصيد، وبدخوله الحرم صار من صيده، فيحرم.

  وأما الجراد في الحرم للحلال [فيحرم مطلقا]⁣(⁣١).

  قوله تعالى: {جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ}⁣[المائدة: ٩٧]

  معنى {قِياماً لِلنَّاسِ} أي: انتعاشا لدينهم ولدنياهم؛ بما يحصل من قضاء أغراضهم في الحج والتجارة، وأراد بالشهر الحرام: ذا الحجة؛ لأنه الذي يفعل فيه الحج.

  وقيل: أراد جنس الأشهر الحرم، {وَالْهَدْيَ} يعم النعم، {وَالْقَلائِدَ} ما يقلد منها، فخصه لأنه يحصل به الفضل، وظهور شعار الحج.

  دلت على أحكام:

  الأول: أن البيت الحرام هو الكعبة، فيكون هذا بيانا لما ورد في الخبر (أن الصلاة في البيت الحرام بمائة ألف صلاة في غيره) وقد ذكر معنى هذا في الشفاء، وقد صحح هذا الحاكم، وفي الحديث: أنه ÷ قال في حديث الإسراء: «بينا أنا في المسجد الحرام في الحجر عند البيت بين النائم واليقظان إذ أتاني جبريل بالبراق» وقيل: البيت الحرام هو الحرم


(١) حرام على المذهب لقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً}.