قوله تعالى: {كلوا مما في الأرض}
  الإباحة، وهذا جلي في غير الحيوان(١)، فأما الحيوانات فإتلافها محظور عقلا، إلا ما دل عليه.
  دلالة شرعية، وعموم الآية يقضي بإباحة الطيب منها، كما قاله الأمير الحسين، وهو مروي عن مالك، وبعض أصحاب الشافعي، قيل: هو اختيار المؤيد بالله، والذي خرج المؤيد بالله لمذهب يحي #: أن الأصل الحظر، قال الأمير الحسين: فيلزم من ذلك تحريم الشظاة، وجوز ذلك المنصور بالله، والإمام يحي #، والفقيه سليمان بن ناصر(٢).
  قال في الشفاء في دليل الإباحة: إن الله تعالى أوحى إلى نوح #: «جعلت كل دابة مأكلا لك ولذريتك؟ وشرائع من تقدمنا ثابتة(٣) ما لم تنسخ وقد تقدم».
  قوله تعالى: {كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ} هذا أمر يراد به الإباحة.
  وقوله: {مِمَّا فِي الْأَرْضِ} جاء بمن التي للتبعيض؛ لأن في الأرض الحلال والحرام
  وقوله: {حَلالاً} حال من قوله: {مِمَّا فِي الْأَرْضِ} أو مفعول {كُلُوا}.
  وقوله: {طَيِّباً} قيل: أراد به الحلال، وقيل: الذي لا شبهة فيه، وقيل: الشهي إلى النفوس، وقواه الحاكم؛ لئلا يكون تكرارا إذا فسر بالحلال.
(١) يقال: لا يدل عليه هذا، لأنه قد أتى بمن التبعيضية - والله أعلم - اللهم إلا أن تكون للتبيين، لكن يشكل قوله في آخر الكلام: (جاء بمن التبعيضية) (ح / ص).
(٢) سليمان بن ناصر هو: سليمان بن ناصر السحامي الزيدي، العلامة المتكلم، كان مطرفيا، ثم قرأ على أبي جعفر فرجع، عاصر آخر مدة المتوكل على الله والمنصور بالله، وكان في نواحي مذحج، وله مؤلفات منها: شمس الشريعة ستة مجلدة، والروضة في الفقه، وكتاب النظام. (تراجم شرح الأزهار).
(٣) في نسخة (تلزمنا).