قوله تعالى: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون}
  دل ذلك أن كتمان العلم لغرض دنيوي لا يجوز؛ لأنهم كتموا ذكر رسول الله ÷ لأغراض دنيوية، ومثل ذلك ما كان من(١) علماء السوء في وقت بني أمية، وبني العباس، من ميلهم إلى الظلمة، وترك العترة المكرمة لأغراض دنيوية، وقد أفرد الحاكم في كتاب السفينة بابا في علماء السوء، قال فيه: روي عنه ÷ أنه قال لكعب بن عجرة: (يا كعب أعاذك الله تعالى من إمارة السفهاء، أمراء يؤمرون فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم فليس مني، ولست منه، ولن يرد علي الحوض يوم القيامة).
  ويدل ذلك على أن نقض العهد لا يجوز، قال القاضي جعفر ¦: «تحريمه معلوم بالضرورة من الدين، فمن نقضه مستحلا كفر، ومن نقضه غير مستحل فسق».
  قوله تعالى: {وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ}[البقرة: ١٠١]
  دل على أن الذنب مع العلم أعظم.
  وقوله: {وَراءَ ظُهُورِهِمْ} قال الشعبي(٢): هو عبارة عن ترك العمل به.
(١) في أ (ما كان في علماء السوء).
(٢) الشعبي هو: عامر بن شراحيل الشعبي - بفتح الشين، منسوب إلى شعب همدان، أبو عمروا الكوفي، ولد لست سنين من خلافة عمر، روى عن أمير المؤمنين علي، وجرير، وغيرهما، وعنه قتادة، والأعمش، وآخرون، قال في التقريب: ثقة من الثالثة، قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، وعده السيد صارم الدين في ثقات محدثي الشيعة، توفي سنة ١٠٥ هـ وله اثنان وثمانون سنة.