وقوله تعالى: {ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام}
  وقوله تعالى: {ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} وهذه النكتة الكريمة يتعلق بها حكمان:
  الأول: في بيان المشار إليه. والثاني: في بيان حاضري المسجد الحرام.
  أما الأول: فقد اختلف العلماء في ذلك، فقال أبو حنيفة، وتخريج أبي العباس، وأبي طالب للهادي #: إن المراد ذلك التمتع، وإن شرط التمتع أن لا يكون ممن هو حاضري المسجد الحرام، وكذا القران(١).
  وقال الناصر، وتخريج المؤيد بالله للهادي # وهو قول مالك، والشافعي: إن المراد ذلك الدم لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام.
  فأما التمتع والقران فيصح منهم، ولا دم عليهم.
  قال أبو حنيفة، وأبو طالب: فلو تمتع الحاضر لزمه دم جناية لا يأكل منه، لا دم تمتع.
  وجه القول الأول: أن الله تعالى استثنى حاضري المسجد الحرام، فلو صح منهم التمتع بطل فائدة الاستثناء.
  حجة القول الثاني: أنه قد وقع الإجماع أنه لو اعتمر وحج لصح ذلك، ففي ذلك إرشاد إلى أن المراد ذلك الدم، وأن اللام بمثابة على، كما في قوله تعالى {أُولئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[الرعد: ٢٥] المراد: وعليهم، ومثل قوله تعالى: {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها}[الإسراء: ٧] أي: عليها.
فيتأكد العلم. وفي أمثال العرب: علمان خير من علم، وكذلك {كامِلَةٌ} تأكيد آخر. وفيه زيادة توصية بصيامها وأن لا يتهاون بها ولا ينقص من عددها، كما تقول للرجل إذا كان لك اهتمام بأمر تأمره به وكان منك بمنزل: الله الله لا تقصر. وقيل: كاملة في وقوعها بدلا من الهدي).
(١) قال: لا دليل في القران، فينظر، والقياس يضعف.