وقوله تعالى: {فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر}
  ومعنى قوله: {مَعْدُوداتٍ} أي: مؤقتات بعدد معلوم، أو قلائل؛ لأن القليل يعد ك {دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ}[يوسف: ٢٠] وأما الكثير فيهال ويحثى.
وقوله تعالى: {فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
  في هذه النكتة أحكام:
  الأول: هل يكفي لجواز الفطر إطلاق اسم المرض واسم السفر، أو لا بد من اشتراط أمر زائد، وهو لحوق المضرة أو التلف؟ قلنا: في ذلك ثلاثة أقوال:
  الأول: أن مجرد اسم المرض والسفر مبيح للرخصة، وهذا مروي عن الحسن، وابن سيرين.
  قال في الكشاف: وروي أنه دخل على ابن سيرين في رمضان، وهو يأكل فاعتل بوجع اصبعه، وأنه سئل مالك عن الرجل يصيبه الرمد الشديد، أو الصداع المضر، وليس به مرض يضجعه، فقال: إنه في سعة من الافطار.
  وحكى في شرح الإبانة عن إسحاق بن راهويه: أنه كان يبرى قلما فقطع اصبعه فأفطر؛ لأنه يقول: إذا وجد أدنى مرض فلا بأس أن يفطر، فهذا القول فيه بقاء على ظاهر الآية الكريمة، وقد اختاره السيد يحي في الياقوتة.
  القول الثاني: إنه لا بد من خشية المضرة من السفر والمرض، وهذا قول الأصم.
  القول الثالث: مذهب أكثر العلماء من الأئمة والفقهاء(١)، وأهل
(١) وهو المختار للمذهب.