قوله تعالى: {ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات}
  الأحوال، إلا في حال اعتصامهم بحبل الله وحبل الناس، يعني: ذمة الله، وذمة المسلمين، والمعنى: لا عزّ لهم إلا هذه الواحدة، وهي التجاؤهم إلى الذمة بالجزية.
  وقيل: حبل الله الإسلام، وحبل الناس: الموادعة على الجزية.
  قوله تعالى: {لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ}[آل عمران: ١١٣ - ١١٤]
  النزول
  قيل: لما أسلم عبد الله بن سلام، وجماعة معه، قال أحبار اليهود: ما آمن بمحمد إلا أشرارنا.
  وعن عطاء: أنها نزلت في أربعين من نجران، واثنين وثلاثين من الحبشة، وثمانية من الروم كانوا على دين عيسى # وصدقوا محمدا ÷.
  والمعنى: {لَيْسُوا سَواءً} قيل: يعني أهل الكتاب غير مستويين، فإن للذين آمنوا منهم صفة، وللذين لم يؤمنوا صفة، فالذين آمنوا {أُمَّةٌ قائِمَةٌ} أي: طائفة وجماعة {قائِمَةٌ} أي: ثابتة على أمر الله تعالى، وقائمة بطاعته، إلى آخر الصفة، والتقدير: وأخرى غير قائمة، فترك الجملة الأخرى لدلالة الأولى عليها، وهذا كقول أبي ذؤيب:
  عصاني إليها القلب إني لأمرها ... مطيع فما أدري أرشد طلابها(١)
(١) أي: أم غي، والرواية (دعاني إليها القلب) الخ.