تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء}

صفحة 140 - الجزء 2

  والمروي عن علي #، وأنس، وشريح قبول شهادته، فهذه طائفة من الصحابة، وطائفة من الأئمة، وهم الهادي، والناصر، ورواية للقاسم، وتصحيح السادة، صحة شهادته إلا لمولاه، والى هذا ذهب أحمد، وإسحاق، وأبو ثور، وداود.

  وقال الشعبي، والنخعي: تقبل فيما قل، لا في الكثير، ويخرج الفاسق، والجارّ⁣(⁣١) والدافع بقوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ} وكذا العدو، والمتهم.

  وقوله تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ} هذا الشرط خرج على العادة، أن النساء لا يستشهدن مع وجود الرجال، وإلا فقد أجمع العلماء أن قبول المرأتين مع الرجل غير مشروط بعدم الرجال، وهذه الصفة معتبرة فيما ذكر من المداينة، أما في الحدود ونحوها فلا تقبل شهادة النساء، وفيما لا يطلع عليه الرجال تقبل شهادتهن على الانفراد⁣(⁣٢)، ومأخذ ذلك من غير هذه الآية.

  واستدل من منع الحكم بشاهد ويمين بهذه الآية، وهذا قول زيد بن علي #، وأبي حنيفة، قالوا: لأنه تعالى قصر ذلك على رجلين⁣(⁣٣)، أو على رجل وامرأتين، والزيادة على ما ذكر نسخ للقرآن بخبر الآحاد⁣(⁣٤).

  وقال الهادي، والناصر، والباقر، والصادق، والشافعي، ومالك: إنه يحكم به، لكن شرط الناصر عدالة المدعي، والشافعي قال: في الأموال، أو فيما يؤول إلى مال كالرهن.


(١) أي: الجارّ لنفسه منفعة.

(٢) يعني عن الرجال، ولا تقبل أيضا مع الإجتماع إلا مع جهل تقدم غيرها، وعلى سبيل المفاجأة، أو جهل التحريم، ولا تقبل شهادة الرجال في ذلك.

(٣) يقال: من أين أخذ القصر على أصلهم؟ ينظر هل يؤخذ من كونه بصدد تقسيم الشهادة المقبولة، فلو كان غيرها مقبولا لذكره، والله أعلم. (ح / ص).

(٤) سلمنا أنه نسخ، وهو للمفهوم، وهو ظني، فلم ينسخ به القطعي.