تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ومن جاهد فإنما يجاهد لنفسه}

صفحة 8 - الجزء 5

  ثم قال تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ}⁣[العنكبوت: ٣]

  والمعنى: أن أتباع الأنبياء قد أصابهم من الفتن والمحن نحو ما أصابهم، وأشد منه فصبروا كما قال تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}⁣[آل عمران: ١٤٦].

  وعن النبي ÷: «قد كان من قبلكم يؤخذ فيوضع المنشار في رأسه فيفرق فرقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب ما يصرفه ذلك عن دينه» وقد قال تعالى في سورة آل عمران: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}⁣[آل عمران: ١٨٦].

  ثمرة ذلك:

  أن الصبر على القتل والتعذيب، وعدم النطق بكلمة الكفر أفضل، ويجوز النطق لقوله تعالى في سورة النحل: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ}⁣[النحل: ١٠٦] وقد تقدم ذكر ذلك، وتقسيم الأمور المكره عليها.

  قوله تعالى: {وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ}⁣[العنكبوت: ٦]

  المعنى: من جاهد نفسه في منعها ما تأمره به، أو جاهد الشيطان، أو جاهد الكفار، فنفع ذلك عائد إليه، والله غني عنه، وإنما كلفه رحمة منه لنفعه.

  وثمرة ذلك: الحث على أنواع الجهاد المذكورة.