قوله تعالى: {وقال يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة وما أغني عنكم من الله من شيء}
  ومنها: جواز التخليف على فعل ما يجب في المستقبل، كأن يحلف المدين ليسلم ما عليه في المستقبل، وقد حكي هذا في مجموع علي خليل عن الهادي # قال: وعند المؤيد بالله أنه لا يحلف على الأمور المستقبلة، وفي سورة الممتحنة في قوله تعالى: {إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ ...} إلى آخر الآية دلالة على الجواز.
  قوله تعالى: {وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ}[يوسف: ٦٧]
  اختلف المفسرون ما الوجه في كون يعقوب نهاهم عن الدخول من باب واحد؟ فعن ابن عباس، والحسن، وقتادة، والضحاك، والسدي، والأصم، وأبي مسلم: أنه خاف عليهم العين؛ لأنهم كانوا ذوي هيبة وكمال، وقد اشتهر إكرام الملك لهم، وكانوا مظنة إلى أن تطمح إليهم الأنظار.
  وقيل: خاف عليهم حسد الناس، وأن يرفع إلى الملك قوتهم وبطشهم فيقتلهم أو يحسبهم.
  وقيل: خاف عليهم الغوائل إذا كانوا مجتمعين، فرأى أن التفرق أسلم، وهذان مرويان عن أبي علي؛ لأنه أنكر العين.
  وعن النخعي: أمرهم بالتفرق ليصل ابنه بنيامين إلى يوسف.
  ولهذه الجملة ثمرة: وهي استحباب البعد عن مضار العباد، والحذر منها.
  فأما فعل الله تعالى: فلا يغني الحذر منه، ولهذا قيل: لا ينفع الحذر إذا جاء القدر.