تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {قل قتال فيه كبير}

صفحة 474 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ} أي: إثم كبير.

  وقوله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ} مبتدأ خبره {أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ} أي: أكبر وأعظم عند الله في الإثم من القتال في الشهر الحرام.

  وقيل: إن قوله: {وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ} متصل بما قبله، أي: القتال فيه إثم كبير وصد عن سبيل الله، وكفر بالله. ثم استأنف فقال: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ} أي: يسألونك عن المسجد الحرام، أو عن القتال في المسجد الحرام.

  وفي قوله تعالى: {وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ} وجوه من التقدير⁣(⁣١):

  الأول: أنه معطوف على سبيل الله، أي: وصد عن سبيل الله، وعن المسجد الحرام.


(١) في النيسابوري: وأما قوله {وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ} فقيل: إنه معطوف على الهاء في {بِهِ} عند من يجوز العطف على المضمر المجرور من غير إعادة الجار، كقراءة حمزة تسالون به والأرحامِ بالخفض، والكفر بالمسجد الحرام منع الناس عن الصلاة فيه، والطواف به، وقيل: إنه معطوف على {سَبِيلِ اللهِ} أي: صد عن سبيل الله، وصد عن المسجد الحرام، واعترض بأنه يلزم الفصل بين صلة المصدر الذي هو الصد وبين المصدر بالأجنبي الذي هو قوله {وَكُفْرٌ بِهِ} وأجيب: بأن الصد عن سبيل الله والكفر به كالشيء الواحد في المعنى، فكأنه لا فصل، وبأن التقديم لفرط العناية به، مثل {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} وكان حق الكلام ولم يكن أحد كفؤا له، وقيل: {الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} عطف على {الشَّهْرِ الْحَرامِ} أي: يسألونك عن قتال في الشهر الحرام والمسجد الحرام، وهذا قول الفراء، وأبي مسلم، وقيل: الواو في {الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} للقسم.

وذكر في البيضاوي وجها آخر، وهو ما لفظه {الْمَسْجِدِ الْحَرامِ} على إرادة المضاف، أي: وصد المسجد الحرام، كقول أبي داود:

أكل امرء تحسبين امرأ ... ونار توقد بالليل نارا

ولا يحسن عطفه على {سَبِيلِ اللهِ} وذلك لأن عطف قوله {وَكُفْرٌ بِهِ} على {وَصَدٌّ} مانع منه أولا تقدم العطف على الموصول على العطف على الصلة، ولا على الهاء في {بِهِ} فإن العطف على الضمير المجرور إنما يكون بإعادة الجار.