تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {فما استيسر من الهدي}

صفحة 419 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} هذا حكم ثان، أن المتمتع عليه الهدي. ووجه الدلالة على الوجوب أنه مقدر، فعليه ما استيسر، فيكون محله الرفع، أو يكون منصوبا، ويقدر فعل محذوف، أي: فليفعل، أو فليهد، وهذا إجماع.

  ومعنى ما استيسر، أي: ما تيسر، مما يطلق عليه اسم الهدي، من بدنة، أو بقرة، أو شاة.

  وقد قال القاسم #: إمكانه وتيسره بالغنى، والجدة، وهو كما قال؛ لأن من كان معه مال تيسر عليه الهدى، وإن كانت بدنة، ومن فقد المال تعذر عليه الهدى، ولو شاة.

  وإذا قامت الدلالة بوجوب ما تيسر من الهدى، فهل لمن وجب عليه أن يأكل منه أم لا؟.

  وهذا حكم ثالث.

  وقد اختلف العلماء في ذلك، فعامة أهل البيت $، ومالك، وأبو حنيفة جوزوا له ذلك، أخذا بعموم قوله تعالى في سورة الحج: {وَالْبُدْنَ جَعَلْناها لَكُمْ مِنْ شَعائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيها خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْها صَوافَّ فَإِذا وَجَبَتْ جُنُوبُها فَكُلُوا مِنْها}⁣[الحج: ٣٦] فعم جواز الأكل، إلا ما خصه الدليل، من هدي الإحصار والجزاء والكفارة.

  وقوله تعالى: {فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْبائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ}⁣[الحج: ٢٨ - ٢٩] والهدى الذي ترتب عليه قضاء التفث هو هدي القران والتمتع؛ لأن سائر الهدايا لا يتعلق بها قضاء التفث، ولا يقال: إنه جبر لنقص؛ لأن النقص ليس منه، فيشبه جزاء الصيد، لكن المراد أن الثواب جبر بالهدي فكان نسكا، وكون البقرة تجزئ عن سبعة، والبدنة عن عشرة، أو سبعة على الخلاف، فذلك مأخوذ من غير الآية.