تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين}

صفحة 448 - الجزء 5

  فسقا وهو باب الاستخفاف كان العزم كالمعزوم عليه وإلا فلا، وتفصيل هذه المسألة في كتب علماء الكلام.

  ولقائل أن يقول: قد حصل منهم العزم على ترك الواجب، والأمر بتركه، والرضاء بالترك من الغير، فعوقبوا على أمر زائد على العزم.

  ومنها ما ذكر الحاكم أن الاستثناء بمشيئة الله تعالى إذا أخبر عن المستقبل واجب؛ لأنه لا يأمن كونه كذبا.

  قال الإمام يحيى بن حمزة: قد ذكر قوم وجوب الاستثناء، والصحيح أنه غير واجب، وأن الله تعالى عاقبهم على حرمان المساكين لا على ترك الاستثناء.

قوله تعالى: {فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}⁣[ن: ٢٣ - ٢٤]

  المعنى: يتشاورون بهذا القول، سمي ذلك مخافتة وإن سمع بعضهم بعضا، وقد احتج المنصور بالله على أن أقل المخافتة أن تسمع من بجنبك.

  وقال المؤيد بالله وغيره: إن ذلك جهرا، وأجيب⁣(⁣١) المنصور بالله أن مخافتة الإنسان لنفسه أن يسمع نفسه، ومخافتته لغيره أن يسمع غيره.

  وأما إطلاق زيد بن علي # بقوله: ما خافت من أسمع أذنيه، وقد استضعفه المؤيد بالله، وقال: إنه مخافت، وتأول على أن مراده خافت أبلغ المخافتة، بل أبلغها أن تحرك لسانك، وتثبت في الحروف، وإن لم تسمع، وهذا قد ذكره المؤيد بالله.

  وأما النواوي فقال: ما لم يسمع به نفسه فليس بقراءة، ولا يعتد به في سرية ولا جهرية، ومخافتة أصحاب الجنة بقولهم: {أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ}⁣[ن: ٢٤]، وتخافتوا لئلا يسمعهم المساكين.


(١) هكذا في الأصل ولعله وأجاب وهو الأولى.