وقوله تعالى: {فدية طعام مسكين}
  والمرضع، والشيخ الكبير، قال في الشرح: وفي قراءة عائشة، وابن عباس (وعلى الذين لا يطيقونه) ويحمل على الشيخ الهرم، وقد يحتج لمذهبنا بالآية على الشيخ الهرم، وتجعل «لا» مقدرة في القراءة الظاهرة، وهذا قد ذكره الهادي # في الأحكام: أنها قد تزاد في كلام العرب(١)، ومنه قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ}[الحديد: ٢٩] والمراد: ليعلم وقوله تعالى في قصة موسى، وهارون @: {ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ}[طه: ٩٢، ٩٣] والمراد أن تتبعني، وقول الشاعر:
  بيوم جدود لا فضحتم أباكم ... وسالمتم والخيل يدمى
  وأراد فضحتم أباكم.
  وقد تحذف من الكلام وهي تراد، ومنه هذه الآية، وهي قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} معناه: لا يطيقونه، وقول الشاعر(٢):
  نزلتم منزل الأضياف منا ... فجعلنا القرى أن تشتمونا
  يريد: أن لا تشتمونا.
  وقوله تعالى: {فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ} قراءة نافع، وابن عامر: برفع (فديةُ) من غير تنوين، بل مضافة إلى طعامِ، وطعامِ مضاف إلى (مساكين) جمعا، والمراد: لكل يوم طعام مسكين واحد، والمساكين للأيام، وأضافوا الفدية إلى الطعام وإن كان واحدا لاختلاف اللفظ، كقولهم: مسجد الجامع، وقرأ الباقون {فِدْيَةٌ} منونة و {طَعامُ} مرفوع و {مِسْكِينٍ}
(١) أنها قد تزاد في كلام العرب، وهي محذوفة معنى، وقد تحذف وهي مرادة.
(٢) الشاعر: هو عمر بن كلثوم بن مالك بن عتاب، من بني تغلب، شاعر جاهلي، من الطيقة الأولى، ولد في شمال جزيرة العرب، كان من أعز الناس نفسا، وهو من الفتاك الشجعان، ساد قومه تغلب وهو فتى، وعمر طويلا، وهو الذي قتل الملك عمرو بن هند، من أشهر شعره معلقته
(ألا هبي بصحنك فاصبحينا)