تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {إلا ما ذكيتم}

صفحة 20 - الجزء 3

  وقال صاحباه والشافعي: لا يحرم المتقدم.

  وحكى في النهاية: أن منهم من اشترط ذلك في الكلب دون غيره، ومنهم من قال: أما جوارح الطير فلا تحرم وإن أكلت؛ لأن تضريها بالأكل.

  حجتنا حديث سلمان الفارسي أنه سأل النبي ÷ عن ذلك فقال: «كل وإن لم تدرك إلا نصفه» وحديث أبي ثعلبة الخشني عنه #: «إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله فكل وإن كان أكل منه».

  حجتهم: حديث عدي بن حاتم أنه ÷ قال له: «وإن أكل الكلب فلا تأكل فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه».

  قال في النهاية: هذا حديث متفق عليه، وحديث أبي ثعلبة مختلف فيه، ولهذا لم يخرجه البخاري، ومسلم.

  وروي عن مالك الفصل بين الكلب وغيره، قال: ومن جمع بين الحديثين قال: حديث عدي محمول على الندب، وحديث أبي ثعلبة على الجواز.

  وقوله تعالى: {إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ} هذا أحد الأمرين اللذين أجازتهما الآية، واختلفوا إلى أين يعود الاستثناء فقيل: يعود إلى جميع ما تقدم من المنخنقة، والموقوذة والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع، وهذا مروي عن علي # - وابن عباس، والحسن وقتادة، والثاني يعود إلى ما أكل السبع خاصة، وسئل الحسن عن ذلك؟ فقال: إذا أدركت ذكاته فذكه، فقيل: فكيف يعرف ذلك؟ فقال: إذا طرفت بعينها، أو ضربت بذنبها، أو رجلها. وعن أمير المؤمنين نحوه.

  وقيل: الاستثناء منقطع وكأنه قال: لكن ما ذكيتم، فإذا جعلناه متصلا، وذكى الموقوذة ونحوها حلت، وذلك حيث يدركها حية، وهذا هو المذهب، وإن جعلناه منقطعا ثم تحل، ذكر ذلك في النهاية، وذكر خلافا بينهم فيما أدرك من المنخنقة، والموقوذة، والنطيحة، وما أكل