وقوله تعالى: {وأقيموا الشهادة لله}
  أن الإشهاد مستحب؛ لأن الرجعة تشبه سائر الحقوق التي هي البيع والإجارة، فلم يجب الإشهاد فاستحب لقطع الشجار، ولقطع الريب، وهذا حكم رابع.
  وقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ} وهذا حكم خامس وهو وجوب أداء الشهادة على الشاهد، وقد يتعين الوجوب إن لم يقم غيره مقامه، فإن قام غيره مقامه فهو فرض على الكفاية.
  وقوله: {لِلَّهِ} أي: لا تفعلوا ذلك لغرض سوى إقامة الحق، ودفع الظلم، وفي هذا إشارة إلى أن الأجرة على أداء الشهادة لا تجوز، وقد استثنى الفقهاء صورا:
  منها: إذا طلب إلى مكان يجوز فيه الإرعاء، أو كان غيره يقوم مقامه. وقد استدل الشافعي على أن الرجعة إنما تصح بالقول دون الوطء بأن الله تعالى أمر بالشهادة عليها، وذلك لا يتأتى في الوطء، وقياسا على النكاح، ومذهبنا، وأبي حنيفة: أنها تصح بالوطء؛ لأنه يبطل حكم الإيلاء، ولأنه يبطل خيار البائع إن وقع في مدة التخيير، وكذا وطء الزوج إن وقع في العدة.
  وقوله تعالى: {ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ} يعني: الحث على إقامة الشهادة لوجه الله.
  وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٢ - ٣]
  قيل: المعنى {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ} أي: يتق سخطه، وذلك بأن يطلق للسنة، ولا يضار المعتدة، ولا يخرجها من مسكنها {يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً} من الغم والندم، ويرزقه من حيث لا يخطر بباله.