تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}

صفحة 151 - الجزء 2

  قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا}⁣[البقرة: ٢٨٦]

  في الكلام حذف إما (وقالوا): حكاية عن الرسول والمؤمنين، وإما (قولوا): أمر بالدعاء.

  واختلف في معنى النسيان هنا والخطأ، فقيل: أراد بالنسيان الترك، كقوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}⁣[التوبة: ٦٧] و [قيل]: أراد بالخطأ فعل الخطيئة.

  وقيل: الظاهر خلاف هذا، وأنه أراد بالنسيان السهو، وبالخطأ ما لا يتعمد.

  فإن قيل: إنهم غير مؤاخذين بذلك. قيل: في ذلك وجهان:

  الأول: إنما ذكرهما، وأراد ما هما مسببان عنه من التفريط والإغفال، وهذا مثل قوله تعالى: {وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ}⁣[الكهف: ٦٣] والشيطان لا يقدر على فعل النسيان، وإنما يفعل الوسوسة التي هي سبب النسيان.

  الثاني: أنه يجوز أن يدعو الإنسان بما علم أنه حاصل له قبل الدعاء طلبا لاستدامته، وإظهارا للنعمة فيه.

  إن قيل: إذا كان الدعاء بعدم المؤاخذة على الترك للواجب، والفعل للمعصية، فقد دعا أن يفعل له تعالى خلاف ما وعد العاصي به من العذاب، فلعل جوابه أن في ذلك تقديرا، ومعناه: لا تعذبنا، ويسر لنا ما يسقط العذاب، من التوبة؛ لأن أحد لا ينكر على رجل عاص يتضرع إلى ربه، ويقول للعاصي: أنت عاص بدعائك.

  فإن قيل: إذا كان الله تعالى لا بد له من فعل ما هو المصلحة، دعا أو لم يدع فما فائدة الدعاء؟