قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}
  قوله تعالى: {رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا}[البقرة: ٢٨٦]
  في الكلام حذف إما (وقالوا): حكاية عن الرسول والمؤمنين، وإما (قولوا): أمر بالدعاء.
  واختلف في معنى النسيان هنا والخطأ، فقيل: أراد بالنسيان الترك، كقوله تعالى: {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ}[التوبة: ٦٧] و [قيل]: أراد بالخطأ فعل الخطيئة.
  وقيل: الظاهر خلاف هذا، وأنه أراد بالنسيان السهو، وبالخطأ ما لا يتعمد.
  فإن قيل: إنهم غير مؤاخذين بذلك. قيل: في ذلك وجهان:
  الأول: إنما ذكرهما، وأراد ما هما مسببان عنه من التفريط والإغفال، وهذا مثل قوله تعالى: {وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ}[الكهف: ٦٣] والشيطان لا يقدر على فعل النسيان، وإنما يفعل الوسوسة التي هي سبب النسيان.
  الثاني: أنه يجوز أن يدعو الإنسان بما علم أنه حاصل له قبل الدعاء طلبا لاستدامته، وإظهارا للنعمة فيه.
  إن قيل: إذا كان الدعاء بعدم المؤاخذة على الترك للواجب، والفعل للمعصية، فقد دعا أن يفعل له تعالى خلاف ما وعد العاصي به من العذاب، فلعل جوابه أن في ذلك تقديرا، ومعناه: لا تعذبنا، ويسر لنا ما يسقط العذاب، من التوبة؛ لأن أحد لا ينكر على رجل عاص يتضرع إلى ربه، ويقول للعاصي: أنت عاص بدعائك.
  فإن قيل: إذا كان الله تعالى لا بد له من فعل ما هو المصلحة، دعا أو لم يدع فما فائدة الدعاء؟