وقوله تعالى: {ولا تسئموا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا إلى أجله}
  وقيل: أمر إيجاب. وقيل: إباحة.
  حقق للمذهب أنه ندب، إلا أن يخشى ذهاب حق الغير وجب على الكفاية، ويتعين عليه إن لم يوجد سواه، وأما إذا حملناه على الأداء فواجب، ويتعين إن لم يوجد غير هذين الشاهدين.
  وقوله تعالى: {وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ} المعنى: لا تملوا، قال في الكشاف: كنى عن الكسل بالسآمة؛ لأن الكسل صفة المنافق(١).
  ومنه الحديث عنه ÷: «لا يقول المؤمن كسلت» قال: ويجوز أن يراد إذا كثرت المداينة لم يسأم من الكتابة.
  وقوله تعالى: {صَغِيراً أَوْ كَبِيراً} يعني سواء قلّ الحق أو كثر، وهذا هو الظاهر.
  قال الزمخشري: ويجوز أن يرجع إلى الكتاب، يعني: تكتبوه مختصرا أو مشبعا.
  وقوله تعالى: {ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا} المعنى: ذلكم الكتاب بالدين {أَقْسَطُ} يعني: أعدل عند الله؛ لأنه أمر به.
  وقوله تعالى: {وَأَقْوَمُ} يعني: أصوب، وقوله تعالى: {وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا} أي: أقرب إلى نفي الشك.
  دل هذا على استحباب كتب ما يخشى وقوع الشك فيه، من علم أو نحوه، وقد يجب إذا خشي ضياع ما يجب، وقد ذكر الحاكم فصلا في السفينة في الكتابة، قال: فمنهم من كره كتابة العلم، ومنهم من حضّ(٢)، وهو الصحيح
(١) لقوله تعالى: {وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى}.
(٢) أي: حث عليه.