قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة}
  احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل(١) فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت ثم صليت بأصحأبي الصبح فذكروا ذلك للنبي ÷ فقال: يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟ فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً}[النساء: ٢٩] فضحك نبي الله(٢) ÷ ولم يقل شيئا.
  وهذا حجة الشافعي أن صلاة المتيمم بالمتوضي جائزة.
  ومذهب الهادي والمؤيد بالله، ومحمد بن الحسن لا يجوز ذلك، لقوله ÷ (لا يؤم المتيمم المتوضئ).
  وقالوا في حديث عمرو بن العاص: لعل الذين خلفه كانوا متيممين.
  قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً}[البقرة: ٢٠٨]
  قرئ بفتح السين وكسرها، فالفتح من المسالمة، ومنه: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها}[الأنفال: ٦١] والكسر من الإسلام، قال الكندي(٣):
(١) السلاسل: الماء العذب، وكان في هذا المكان الذي غزوا إليه ماء عذب سلسل، وفي السيرة: أو لأنهم ربطوا أنفسهم فيها بالسلاسل. والسلاسل: بالضم ذكره في الصحاح. (ح / ص).
(٢) في ب (فضحك رسول الله ÷ ولم يقل شيئا).
(٣) الكندي هو: امرئ القيس بن عابس بن المنذر بن السمط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية بن الحارث الأكبر، شاعر، فارس، كندي، صحابي، وفد على النبي ÷ ورجع إلى بلاده، وثبت على إسلامه فلم يرتد مع من ارتد من كندة، وخرج إلى الشام مجاهدا، وشهد اليرموك وغيرها من الوقائع، ومات في خلافة عثمان، وقبل البيت:
وخص بها جميع المسلمينا ... ألا أبلغ أبا بكر رسولا
بما قال الرسول مكذبينا ... فلست مجاورا ابدا قبيلا