وقوله تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا}
  اختلف ما أراد بالعقود، فقيل: هي أوامر الله تعالى ونواهيه، ويدخل في ذلك النذر واليمين ويكون هذا عاما إلا بمخصص نحو أن يرى أن الحنث أفضل، فقد قال ÷: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير» وكذلك إذا نذر بجميع ماله، فالهادي # خصص خروج الكل بخبر البيضة، وبأنه غير قربة(١)، والمؤيد بالله ومن معه بقوا ذلك على العموم.
  وكذلك إذا خرج النذر مخرج اليمين، فإن في ذلك الخلاف المعروف فمن أوجب الوفاء أخذ بالعموم، ومن جوز الكفارة خصصه بالخبر عنه ÷: «من نذر نذرا سماه فهو بالخيار إن شاء وفى به، وإن شاء كفّر كفارة يمين» وقيل: أراد بذلك الإيمان، وما يتعاهد فيه الناس، فيدخل عقد الذمة للكفار، ولا خلاف في لزوم الوفاء بها، وقد ذكر القاضي جعفر: أن الوفاء بها معلوم بالضرورة من دينه ÷، فمن استحل نقضها كفر، ومن نقضها غير مستحل فسق، وقيل: أراد بالعقود ما يتعاقده الناس فيما بينهم من الأنكحة والبياعات، والإجارات، وقيل: إن ذلك عام في الجميع، وصححه الحاكم.
  الثانية: إباحة بهيمة الأنعام، وذلك لقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}. وهل الإباحة لها مشروطة بالوفاء بالعقود أم لا؟
  فحكى أبو علي عن قوم: أن الإباحة مشروطة بالوفاء بالعقود، وصحح خلاف ذكر ذلك، وأن التقدير: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}. ويا أيّها الّذين آمنوا {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}.
  وهل الدلالة على المباح منها مجملة أو مبينة؟ فقال أبو الحسين: إنها مجملة؛ لأنه لم يذكر ما علق به التحليل والتحريم، وصحح أنها
(١) المذهب لا يشترط القربة، وإنما الشرط أن لا يكون معصية.