تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {يبين الله لكم أن تضلوا}

صفحة 8 - الجزء 3

  اختلف ما أراد بالعقود، فقيل: هي أوامر الله تعالى ونواهيه، ويدخل في ذلك النذر واليمين ويكون هذا عاما إلا بمخصص نحو أن يرى أن الحنث أفضل، فقد قال ÷: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير» وكذلك إذا نذر بجميع ماله، فالهادي # خصص خروج الكل بخبر البيضة، وبأنه غير قربة⁣(⁣١)، والمؤيد بالله ومن معه بقوا ذلك على العموم.

  وكذلك إذا خرج النذر مخرج اليمين، فإن في ذلك الخلاف المعروف فمن أوجب الوفاء أخذ بالعموم، ومن جوز الكفارة خصصه بالخبر عنه ÷: «من نذر نذرا سماه فهو بالخيار إن شاء وفى به، وإن شاء كفّر كفارة يمين» وقيل: أراد بذلك الإيمان، وما يتعاهد فيه الناس، فيدخل عقد الذمة للكفار، ولا خلاف في لزوم الوفاء بها، وقد ذكر القاضي جعفر: أن الوفاء بها معلوم بالضرورة من دينه ÷، فمن استحل نقضها كفر، ومن نقضها غير مستحل فسق، وقيل: أراد بالعقود ما يتعاقده الناس فيما بينهم من الأنكحة والبياعات، والإجارات، وقيل: إن ذلك عام في الجميع، وصححه الحاكم.

  الثانية: إباحة بهيمة الأنعام، وذلك لقوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}. وهل الإباحة لها مشروطة بالوفاء بالعقود أم لا؟

  فحكى أبو علي عن قوم: أن الإباحة مشروطة بالوفاء بالعقود، وصحح خلاف ذكر ذلك، وأن التقدير: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}. ويا أيّها الّذين آمنوا {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ}.

  وهل الدلالة على المباح منها مجملة أو مبينة؟ فقال أبو الحسين: إنها مجملة؛ لأنه لم يذكر ما علق به التحليل والتحريم، وصحح أنها


(١) المذهب لا يشترط القربة، وإنما الشرط أن لا يكون معصية.