قوله تعالى: {فلا تأس على القوم الفاسقين}
  ويدل آخر الآية وهو قوله تعالى: {قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ}(١) دل هذا على أنه يجوز الحجاج في الدين.
  قوله تعالى: {فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ}[المائدة: ٢٦]
  قال الحاكم: دل ذلك على أن من لحقه عذاب الله لا يجوز أن يحزن عليه؛ لأن ذلك حكمه، بل يحمد الله تعالى إذا أهلك عدوا من أعدائه.
  قوله تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِ}[المائدة: ٢٧]
  المعنى: اتل على أهل الكتاب، أو على الناس قصة ابني آدم، وأن قابيل قتل هابيل حسدا له لما تقبل قربان هابيل، بأن أحرقته النار، ولم يتقبل قربان قابيل، وكان علامة القبول في وقتهم أن تحرقه النار، قيل: لأنه لم يكن ثم فقراء يأكلونه، فحسده فقتله.
  والثمرة: التحذير من الحسد، وبيان قبحه، وقوله: {ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ} قيل: كان في شريعتهم أن المقتول يستسلم للقاتل ولا يدافع عن نفسه، وإلا فكان هابيل أشد، وهذا عن مجاهد، والحسن، وأبي علي.
  وقيل: كان السيف ممنوعا فيهم كما كان في أول الإسلام، وفي شريعة عيسى، وقيل: معناه إن بدأتني لم أبدأك، لكن أدفعك، عن ابن عباس.
(١) وسيأتي مثل هذا قريبا في قوله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}.