تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون}

صفحة 179 - الجزء 3

  وأما الأنصاب فقيل: هي الأوثان؛ لأنها كانت تنصب للعبادة لها، وقيل: هي الحجارة التي كانوا يذبحون عندها للأصنام.

  وقيل: حجر تصب عليه دماء الذبائح للأصنام.

  وأما الأزلام: فهي القداح، واحدها قدح زلم، وهي سهام كانوا يجعلون عليها علامات، أفعل، أو لا تفعل، فيعملون على ما يخرج من ذلك في سفر، أو إقامة، أو غيرها من الأمور.

  قال الحاكم: ويدخل في ذلك كلما يستدل به على مستور، نحو الضرب بالحصى، والقرعة⁣(⁣١)، فهذه الأشياء محرمة، لكن في الآية تأكيد لتحريم الخمر من وجوه:

  الأول: تصدير الجملة بإنما، وهي للتأكيد.

  الثاني: أنه سبحانه قرنها بهذه الأشياء القبيحة، وفي الحديث عن النبي ÷: «شارب الخمر كعابد الوثن»⁣(⁣٢).

  الثالث: أنه تعالى جعلها رجسا كما قال تعالى: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ}.

  قيل: أراد بقوله: {رِجْسٌ} يعني: إثم⁣(⁣٣) وفساد، وقيل: خبيث، وقيل: يجب تجنبه كما يجب تجنب النجس.

  الرابع: قوله: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ} والشيطان لا يأتي منه إلا الشر، وقيل: أراد من الأعمال التي يدعو إليه، ويزينها.


(١) ليس المراد القرعة المشروعة، بل ما يدل على الأمور المستورة المغيبة. وقل: بل هي مرادة، وقد ورد بها الشرع.

(٢) وفي نسخة (كعابد وثن).

(٣) رفع هنا (اثم وفساد) لأنه تفسير (رجس) المرفوع في الآية، وإلا فحق اللفظ أن يكون منصوبا بيعني.