وقوله تعالى: {قد سألها قوم من قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين}
  قيل: قوم عيسى، سألوا المائدة ثم كفروا بها، عن ابن عباس.
  وقيل: قوم صالح سألوا الناقة ثم عقروها.
  وقيل: سألوا أن يحول الصفا ذهبا، عن السدي، وقيل: سألوا استهزاء فكفروا بالسؤال.
  وقيل: سألوا عن فرائض فلما كلفوها لم يحتملوا مشقتها، كقوله: {ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ}.
  وقيل: سألوا عن الحلال والحرم، فلما بيّن تركوا العمل، فأصبحوا بسبب المسألة كافرين، أو بالمسألة مع الاستهزاء.
  ثمرة الآية: أنه تعالى نهى عن السؤال في أشياء وهو ما ذكر، فإن كان ذلك استهزاء أو تعنتا فلا إشكال أنه معصية، وإن كان عن أمور التكليف، وكان في حال ضجره ÷ عن كثرة سؤالهم فذلك منهي عنه، بعد معرفتهم لذلك، ولكراهته لسؤالهم، وقد ذكر في آداب القارئ أنه لا يسأل شيخه في حال ضجره، ولا يضجره بالسؤال، وإن كان خلاف ذلك بل سألوا تفقّها عما يحتاجون إليه، فقد كان الصحابة يسألون رسول الله ÷ وينتظر بالجواب بنزول الوحي، كما سألته امرأة أوس عن ظهار زوجها لها، وغير ذلك.
  وقال تعالى في سورة الأنبياء: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل: ٤٣]
  وقد روى الحاكم في السفينة عنه ÷ أنه قال: «العلم خزائن ومفاتيحه السؤال فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يؤجر عليه أربعة: السائل والمتكلّم، والمستمع والمستجيب لهم»(١).
(١) قد روي هذا الحديث من طريق أهل البيت $ بسند لا يرقى إليه الشك بلفظ (العلم خزائن، ومفاتيحه السؤال، فاسألوا يرحمكم الله، فإنه يثاب عليه أربعة: السائل، والمعلم، والمستمع، والمستجيب لهم). (ح / ص).