تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {تدعونه تضرعا وخفية}

صفحة 237 - الجزء 3

  عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ}⁣[الأنعام ٦٨ - ٦٩]

  النزول

  قيل: كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا في رسول الله ÷ فنهى الله سبحانه المؤمنين عن مجالستهم.

  قال ابن عباس: فلما نزلت قال المسلمون: فإنا نخاف الإثم حين نتركهم ولا ننهاهم، فنزلت {وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}.

  وقيل: كانوا يتواصون، ويقولون: إذا رأيتموه يصف دينه - فالغوا فيه لعلكم تغلبون.

  ثمرة الآية أحكام:

  الأول: وجوب الإعراض عن مجالسة المستهزئين بآيات الله، أو بحججه، أو برسوله، وأن لا يقعد معهم؛ لأن في القعود عدم إظهار الكراهة، وذلك لأن التكليف عام لنا ولرسول الله ÷، وإنما يجب الإعراض، وترك الجلوس معهم إذا لم يطمع في قبولهم، فإذا انقطع طمعه فلا فائدة في دعائهم، ويجب القيام عن مجالسهم إذا عرف أن قيامه يكون سببا في ترك الخوض، وأنهم إنما يفعلونه مغايظة للواقف، أو كان وقوفه يوهم عدم الكراهة⁣(⁣١).

  الحكم الثاني: جواز مجالسة الكفار مع عدم الخوض؛ لأنه إنما أمر بالإعراض مع الخوض، وأيضا فقد قال تعالى: {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}.


(١) وكذا يحرم عليه الوقوف ما دام الخوض المنهي عنه، وإن خلا عن الوجهين المذكورين، وهو ظاهر الآية. (ح / ص).