قوله تعالى: {وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا وغرتهم الحياة الدنيا وذكر به}
  قيل: يعني ما على المتقين من حساب المستهزئين في حضورهم {كَذَّبَ وَتَوَلَّى} أي: ولكن يلزمهم القيام ليصير ذلك موعظة وذكرى، وقيل: ولكن عليهم أن يذكروهم وعد الله ووعيده، ويأمرون وينهون، وقيل: يذكرونهم الحجج وحل الشبهة.
  قال في الكشاف(١): وروي أن المسلمين قالوا: لئن كنا نقوم كل ما استهزءوا بالقرآن لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، وأن نطوف فرخص لهم، والظاهر أنه لا نسخ في الآية، وأن ترتيبها كما سبق، وإنما القعود حال الذكرى.
  وعن ابن جريج، والسدي في قوله: {وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى} دلالة على إباحة القعود، وأن ذلك منسوخ بقوله تعالى: {فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}[النساء: ١٤]
  فرع
  لو كان يحصل في المسجد جمع يخوضون في الكلام الذي لا قربة فيه، وقلنا: إن الكلام في المسجد بالمباح معصية، فالواجب النكير إن تكاملت شرائطه، فإن أخل به عصى، ولم تجز صلاته، أفتى بذلك بعض السادة المتأخرين(٢).
  قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ}[الأنعام: ٧٠] يعني: بالقرآن.
  ثمرة الآية: تحريم مجالسة المستهزئين والإعراض عنهم، لئلا يوهم
(١) الكشاف ٢/ ٢٧.