قوله تعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين}
  إبراهيم: {لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} وقيل: إنه إبراهيم، وكان ذلك قبل إدراكه.
  وقيل: قال ذلك على سبيل المحاجة، وأراد الاستفهام الذي للإنكار، فحذف الهمزة، وذلك جائز كقول الشاعر:
  لعمرك ما أدري إن كنت داريا ... بسبع رمين الحمر أم بثماني(١)
  قال في التهذيب: لكن إنما تحذف همزة الاستفهام للضرورة، وقيل: إنه قال ذلك في حال النظر على وجه التقسيم والسير، لا على وجه الخبر، وقيل: قاله بيانا لإحالة ما يزعمه الخصم ليبطله، كقوله تعالى: {وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ} أي: في زعمك.
  وأما قول من يقول: كان معتقدا فليس بصحيح؛ لأن ذلك كفر، والأنبياء معصومون.
  وقد يستدل بالآية على أن دلالة غروب الشمس رؤية كوكب، وهذا الاستدلال فيه نظر من وجهين:
  الأول: أن المراد فلما أظلم عليه الليل وستر بظلامه؛ لأن جنّ بمعنى ستر، ومنه الجنّة؛ لأن الشجر يسترها، والجنّ لاستتارهم، والجنون لأنه يستر العقل، والجنين لاستتاره، والمجن لأنه يستر، وذلك لا يكون إلا بعد الغروب بأوقات.
  الثاني: أن النجم قيل: هو الزهرة، وقيل: المشتري، وهما نهاريان، وهذه المسألة قد اختلف فيها العلماء، فمذهب الهادي، وسائر القاسمية من المؤيد بالله وغيره، وأحد قولي الناصر - أن أمارة الغروب أن
(١) في كتب النحو، واللغة، والأدب (أم بثمان) وقد صوب في النسخ (بثمانيا) ولا معنى له. والبيت قاله عمر بن أبي ربيعة وقبل هذا البيت:
بدا لي منها معصم حين جمرت ... وكف خضيب زينت ببنان