تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر}

صفحة 293 - الجزء 3

  الألواح، وكونه أخذ برأس أخيه، فقيل: لما سمع حديث العجل فعل ذلك لما حصل معه من فرط الدّهش، وشدة الضجر، غضبا لله وحمية لدينه، وكان في نفسه حديدا شديد الغضب، هكذا ذكر في الكشاف.

  قال: وروي أن التوراة كانت سبعة أسباع فلما ألقى الألواح تكسرت، فرفع منها ستة، وبقي سبع، وكان فيما رفع تفصيل كل شيء، وبقي سبع وفيه الهدى والرحمة، وجر بذؤابة أخيه لما أصابه من الدهش، وذهاب الفطنة، وظن أن أخاه قد قصّر في كفهم، فلما بين له أخوه عدم تقصيره، وأن القوم استضعفوه رجع واستغفر لنفسه فيما سلف منه ولأخيه، إن كان قد فرّط في الاستخلاف، فعلى هذا يكون فعل موسى # ذنبا صغيرا؛ لأن ذنوب الأنبياء صغائر⁣(⁣١).

  وقال الحاكم: إنه ألقى الألواح تعظيما لا استخفافا؛ لأن الاستخفاف بكلام الله كفر.

  وقيل: لم تكن العادة في ذلك الزمان كما هي الآن من كون إلقاء الشيء وطرحه استخفافا.

  قال: وما روي من تكسر التوراة فهو من رواية الحشوية.

  وأما جره برأس أخيه، فالمعنى: أنه أدناه إليه ليسائله، وقيل: قبض على رأسه ولحيته على وجه التسلي، كما يفعله الواحد عند ما يناله الغم الشديد، وقيل: كما يفعله الواحد منا عند الغضب من قبضه على لحيته، وعضه على يده وشفتيه، فلا يكون هذا ذنبا من موسى #، ولا شبهة أنه قد أنكر على أخيه، ولكن اختلف ما أنكر؟ فقيل: ظن أن أخاه قد قصر فأنكر، وقيل: هذا لا يظنّ بهارون؛ لأن ترك الإنكار عظيم.


(١) الكشاف: ٢/ ١١٩. وسيأتي ذكر هذه القصة في طرفي قوله تعالى: {يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ} الآية.