قوله تعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين}
  القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها، وهذا الأمر أمر ندب؛ لأن العفو عن الظلم لا يجب، ولعل ذلك إجماع.
  وقيل: لما نزل قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} الآية، قال ÷: «كيف يا رب والغضب» فنزل: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ} الآية.
  وهذه ثلاثة أشياء مأمور بها:
  الأول: قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ} قيل: معنى ذلك خذ المتسهل من أخلاق الناس، ولا تطلب منهم ما يشق عليهم، حتى لا ينفروا، وهذا كقوله ÷: «يسروا ولا تعسروا» قال الشاعر:
  خذ العفو مني تستديمي مودتي ... ولا تنطقي في سورتي(١) حين أغضب
  ولا تنقريني نقرك الدف مرة ... فإنك لا تدرين كيف المغيب
  ويدخل في ذلك ترك الاستقصاء، وقبول المعاذير.
  وقيل: {خُذِ الْعَفْوَ} يعني: الفضل من أخلاق الناس، يعني: اجعل ذلك عادتك عن الحسن، وابن الزبير، وأبي علي.
  وقيل: خذ الفضل، وما سهل من صدقاتهم، وهذا كان قبل نزول آية الزكاة، فلما نزلت أمر أن يأخذهم بها طوعا أو كرها، فهذا مروي عن ابن عباس، والسدي، والضحاك، والأصم.
  وقيل: المراد اعمل في دينك ودنياك بما يتيسر عليك، ففي الدين لا تصم الوصال، ونحو ذلك من الخصال، وفي الدنيا بمعنى لا تحرص.
  وأما الثاني: فهو قوله تعالى: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} قيل: تأمر بالمعروف؛
(١) سورة الخمر حدته واشتداده، وسورة السلطان حدثه، ومن المجد: أمره وعلامته وارتفاعه، ومن البرد: حدته.