قوله تعالى: {إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء}
  وقوله تعالى: {وَلا تَنازَعُوا} أي: لا تختلفوا فيما أمرتم به من الجهاد، بل يتفق رأيكم، ولقائل أن يقول: استثمر من هذا وجوب نصب أمير على الجيش ليدبر أمرهم، ويقطع خلافهم، فإن بلزوم طاعته ينقطع الاختلاف، وقد فعله ÷ في السرايا، وقال: «أطيعوا الأمير وإن كان عبدا حبشيا».
  وقوله تعالى: {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} قيل: أراد الريح التي ينصر بها، ومنه قوله ÷: «نصرت بالصبا» وقيل: أراد قوتكم، وقيل: أراد دولتكم.
  قوله تعالى: {إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ عاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ}[الأنفال: ٥٥ - ٥٨]
  ثمرة ذلك: جواز تحقير العصاة والاستخفاف بهم(١)، حيث سماهم الله دواب، وأنهم شر الدواب، ويدل على قبح العذر، ونقض العهد، ويدل على وجوب النكاية والتعنيف بالكفار على وجه ينفر غيرهم من أفعالهم؛ لأنه قال تعالى: {فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ} قيل: معناه - سمّع بهم من وراءهم من الناس، وهذا لغة قريش.
  وقيل: المراد افعل بهم من النكال ما يشرد غيرهم من فعلهم، وتدل على جواز معاهدة الكفار، ووجوب الوفاء بالعهد إذا لم تظهر منهم أمارة الخيانة، ولكن إنما تجوز المعاهدة لمصلحة، وتدل على أن أمارة الخيانة متى ظهرت جاز نقض العهد إليهم، على وجه يعلمون به، كما فعل
(١) وقد يجب عند تهمة الموالاة.