قوله تعالى: {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين}
  وقيل: إن ابن عباس سأل عثمان عن ذلك فقال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا نزلت آية قال: «اجعلوها في موضع كذا وكذا في السورة» وتوفى رسول الله ولم يبين أين توضع وهي آخر سورة نزلت، وكانت قصتها مشابهة لقصة الأنفال، فلذلك قرنت بها فكانتا يدعيان القرينتين، وهذا قريب من الأول.
  قيل: وترك بينهما فرجة لقول من قال: إنهما سورة، قال: وحذفت البسملة لقول من قال: إنهما سورة واحدة ذكر ذلك جار الله.
  قال الحاكم: وهذا لا يصح؛ لأنه صلى الله عليه وآله لم يخرج من الدنيا حتى تم الدين، وبين مواضع القرآن.
  وقيل: مواضع الآيات، والوصل والفصل بينهما، ومواضع السور، كل ذلك طريقه الوحي، والبسملة هنا لم تنزل، وإنما لم تثبت لأن ﷽ للأمان والرحمة، وبراءة نزلت لرفع الأمان، وهذا مروي عن # علي #، وسفيان بن عيينة، وأبي العباس.
  قال ابن عيينة: ولهذا قال في سورة النساء: {وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً}(١).
  وأما كونه صلّى الله عليه يكتب إلى أهل نجران: (﷽)، فإنما كان ذلك لأنه ابتداء الدعاء لا نبذ العهد.
  والنبذ هو: البراءة واللعنة، وأهل الحرب لا يسلم عليهم، ولا يقال لأحدهم: لا بأس عليك، لا تخف، إلا وكان أمانا له.
  وهذا يتضمن حكما شرعيا، وهو أن التسمية في نبذ العهد لا تذكر في الكتاب بالنبذ، وأن السّلام على أهل الحرب كالأمان لهم.
(١) في قصة محلم بن جثامة الليثي، قد تقدمت مستوفاة هناك، في تفسير قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ} الآية في النساء.