قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم}
  وما روى سالم بن الجعد(١) أنها لما نزلت قال ÷: «تبا للذهب والفضة قالها ثلاثا».
  فقالوا: أيّ: مال نتخذه؟ فقال: «لسان ذاكرا، وقلبا خاشعا، وزوجة تعين أحدكم على دينه».
  وقال ÷: «من ترك صفراء أو بيضاء كوي بها».
  وتوفي رجلا فوجد في مئزره دينار فقال ÷: «كيه». وتوفى آخر ووجد في مئزره ديناران فقال: «كيتان».
  قال جار الله: كان هذا قبل أن تفرض الزكاة. وأما بعد وجوبها فالله أعدل أن يبيح ذلك ثم يعاقب عليه.
  ولقد كان كثير من الصحابة كعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبد الله يقتنون الأموال، وما عابهم أحد ممن اختار الأفضل والأدخل في الورع والزهد، وأعرض عن الفتنة.
  وإنما قال: {وَلا يُنْفِقُونَها}، وقد تقدم اثنان؟
  قيل: لأن الضمير يرجع إلى مدلول عليه، أي: لا ينفقون الكنوز وأعيان الذهب والفضة.
  وقيل: رد الضمير إلى الأعم الأغلب، وهو الفضة.
  وقيل: رد إلى المعنى؛ لأن كل واحد منها عدة كثيرة، فهذا كقوله تعالى: {وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}.
  وقيل: حذف أحد الضميرين لدلالة الآخر عليه كقول الشاعر:
  نحن بما عندنا وأنت بما عندك ... راض والرأي مختلف
  أي: نحن بما عندنا راضون وأنت بما عندك راض.
(١) اسم ابن أبي الجعد رافع الكوفي من مشاهير التابعين وثقاتهم.