وقوله تعالى: {إلا الذين صبروا}
  وقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} فليسوا كذلك، بل همتهم الشكر.
  قال الحاكم: هذا هو الفرح والفخر المذموم.
  قال الحاكم: فأما إذا فرح بما هو عليه من الدين، وبتخلصه من المآثم وافتخر بذلك فغير مذموم؛ ولهذا يحسن للمسلم أن يفخر بالنبي والكتاب.
  قوله تعالى: {وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا}[هود: ٢٧]
  يعني أصحاب الحرف الخسيسة الذين لا مال لهم ولا جاه.
  والثمرة المقتطفة من ذلك: أن الفقر والمهن الدنيئة لا يكون ذلك نقصا في الدين.
  وجه الاستدلال: أن الله تعالى حكى كلام الرؤساء من قوم نوح #، والمراد الذم لهم؛ باعتقادهم لنقص من سموهم الأراذل، وأنهم أخطئوا فيما اعتقدوه أن ذلك نقيصة في النبوة، بل هو مما يليق بالأنبياء؛ لأنهم بعثوا مرغبين في الآخرة، ومزهدين في الدنيا.
  وقد ذكر العلماء خلافا في أخذ الأجرة على الحجامة.
  قال القاسم #: إن ذلك مباح، وكرهه الشافعي، وحرمه بعض أهل الحديث، ولعل هذا لأمر آخر لا لكونه نقص في الدين.
  ويتفرع على هذا: المنع من الكفاءة بالمهن الدنيئة على قول، ورد الشهادة على قول، وهذا لا يدل أنه نقص في الدين، كما أن الرق يمنع من ذلك على اختلاف العلماء، وليس بنقص في الدين.