تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار}

صفحة 29 - الجزء 4

  فقرأ هذه الآية فغشي عليه، فلما أفاق قيل له، فقال: هذا فيمن ركن فكيف من ظلم.

  وعن سفيان قال: في جهنم واد لا يسكنه إلّا القراء الزائرون للملوك.

  وعن الأوزاعي: ما من شيء أبغض إلى الله من عالم يزور ظالما.

  وقال ÷: «من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه».

  وسئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية هل يسقى شراب ماء؟

  قال: لا، فقيل له: يموت؟ فقال: دعوه يموت.

  واعلم أنه قد وسع العلماء الراشدون وشددوا في ذلك، والحالات تختلف، والأعمال بالنيات كما ورد عنه ÷.

  وينبغي أن يفصل، فإن كان المخالطة لطلب الاستدعاء له إلى ترك الظلم: فهذا لا حرج فيه، وقد أمر الله موسى وهارون بلين القول لعدو الله وهو فرعون، فقال تعالى: {فَقُولا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى}، وإن كانت المخالطة لا لذلك، وكان فيها دفع منكر واستعانة على دفعه: فلا حرج في ذلك، وربما وجب وقد أوجبوا حضور أنكحة الظلمة والفسقة إذا كانوا يفعلونه بغير شروطه إن لم يحضر من يعرفهم، ولكن هذا مشروط بأن لا يؤدي ذلك إلى تقويتهم بالخلطة، وإن كان الدخول لاستكفاء شرورهم فلا بأس بذلك؛ لأن دفع المضرة تبيح ذلك، ولكن لا يتجاوز ما يستغنى عنه، وإن كانت الخلطة لمجرد إيناسهم وتعظيمهم حرم ذلك.

  وقد قال أبو علي وأبو هاشم: طلب التولية منهم فسق؛ لأن ذلك يوهم أنهم على الحق، وإن كانت الخلطة لمعاملتهم فيما يجوز كره ذلك، وإن كانت الخلطة لأخذ الرزق من خزائنهم مما يجوز الأخذ من غير تقوية كره ذلك، وجاز كأكل طعامهم؛ لأن ذلك يؤدي إلى محبتهم.