قوله تعالى: {وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم}
  ولهذا نظير من القياس، وهو التزوج بالأمة لعدم السبيل إلى الحرة، فإنه إذا وجد السبيل لم يبطل نكاح الأمة.
  وعند القاسم والناصر أن يسلم المفضول للأفضل، وكذا عندهما أنه إذا دعا إمام، ثم وجد أفضل منه لزمه التسليم.
  قال الناصر: فإن امتنع كان فاسقا؛ لأنه يعرف أن غرضه الدنيا.
  وهاهنا بحث قد دق على عدة من أهل الأنظار: وهو أن يقال: إلى من يرجع الإياس هل إلى اعتقاد الأول أو إلى اعتقاد الثاني، أو إلى أهل المعرفة بالأحوال، أو يكون كل أحد متعبدا بظنه؟
  والجواب عن هذا أن يقال: إذا تكاملت شروط الإمامة في الثاني رجح ما عنده مما يتعلق بالاجتهاد والتدبير، ومثل هذا مما يقلد فيه.
  قيل: في هذا نظر؛ لأن اليأس شرط في صحة إمامته، فلا يصح تقليده فيه، كالعدالة والعلم وغيرهما، فالمرجع بالإياس إلى ظنه لا إلى العلم، ولا طريق إلى ظنه إلا بقوله.
  وثمّ جواب آخر وهو أن يقال: يرجع في العلة هل هي مما يرجى زوالها أم لا إلى الأطباء الثقات، ويرجع في الحبس إلى العادة، والنظر في علة الحبس وسببه، فإن كان سبب الحبس باقيا نحو أن يحبس لدعواه الإمامة فهذا كالمأيوس، وإن كان السبب يمكن زواله كدفع مال أو تسليم معقل يتمكن المحبوس من تسليمه فهذا مرجو فلا تبطل معه الإمامة.
  وجواب ثالث وهو أن يقال: إذا عقد للثاني خمسة فعقدهم كالحكم بالإياس وهذا حكم ثان، فظهر من هذا البحث تتمة لما ذكر من هذه الجملة.
  إن قيل: كيف اشتد الحزن مع يعقوب وكان يمكن يوسف زواله بشرح خبره، وخصوصا مع قرب الديار وتطاول الأزمان، وكيف استجاز عدم البذل لوسعه في قطع حزن أبيه بتحقيق خبره وشأنه؟