قوله تعالى: {ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا}
  وقال كثير من الحنفية - ورجحه الحاكم - أنها دالة على إباحة المطبوخ من المسكر، ولا وجه للنسخ مع إمكان الجمع بين الأدلة، فيكون في هذا دلالة على إباحة المطبوخ؛ لأنا لو لم نبحه بطلت فائدتها، وما ورد من التحريم في غيرها حمل على غير المطبوخ.
  وقيل: فيها دلالة على إباحة الأنبذة: من البر والعسل؛ لأن الخمر قد يخرج القليل منه بالإجماع، فبقي النبيذ، هذه أربعة أقوال.
  وقيل: الآية لا تدل على إباحة المسكر؛ لأنه تعالى ذكر ذلك جامعا بين الإباحة والعتاب، والمعنى: أنه تعالى جعل لكم ثمار النخيل والأعناب لتأكلوها فخالفتم وجعلتم منها سكرا.
  وقد فسر بأن المراد الاستفهام - أي: أفتتخذون منه سكرا - لكن حذف الهمزة إنما يكون لقرينة.
  واعلم أن مذهب أئمة أهل البيت، $، والشافعي، ومالك: تحريم ما أسكر كثيره وقليله من الخمر وغيره، لما ورد من صريح الأخبار نحو قوله ÷: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» وغير ذلك.
  وقال أبو حنيفة: دون المسكر من غير الخمر حلال، واحتجوا بظاهر الآية وبما رواه البخاري عنه ÷: «حرمت الخمر لعينها والسكر من غيرها».
  قلنا: قد روي (والمسكر من غيرها).
  قالوا: روي عن ابن مسعود أنه قال: شهدت تحريم النبيذ كما شهدتم، ثم شهدت تحليله فحفظت ونسيتم.
  وعن أبي موسى بعثني النبي ÷ أنا ومعاذ إلى اليمن فقلنا: يا رسول الله إن بها شرابين من البر والشعير أحدهما يقال له: المزر، والآخر