قوله تعالى: {فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا}
  ثمرات هذه الجملة:
  منها: جواز اقتناء الضرائب الذي يتخذها الظلمة وينقش عليها أسماؤهم، ويأتي مثله في جواز اقتناء الخصيّ من الغلمان، وقد روي عن مالك: المنع من شرائه؛ لأن ذلك يجرئ الناس على الخصي.
  ومنها: أن التأهب بالزاد وآلة السفر لا ينافي التوكل على الله، وقد قال جار الله في هذه دلالة على أن حمل النفقة، وما يصلح للمسافر هو رأي المتوكلين على الله دون المتكلين على ما في أوعيتهم، ومن ذلك قول عائشة ^ لمن سألها عن محرم يشد عليه هميانه(١): أوثق عليك نفقتك.
  وما حكي عن بعض صعاليك العلماء أنه كان شديد الحنين إلى أن يرزق حج بيت الله، وتعولم منه ذلك وكانت مياسير أهل بلده كلما عزم منهم فوج على الحج أتوه فبذلوا له أن يحجوا به، وألحوا عليه فيعتذر إليهم، ويحمد بذلهم، وإذا انفضوا عنه قال لمن عنده: ما لهذا السفر إلا شيئان شد الهميان(٢) والتوكل على الرحمن.
  ومنها: جواز دخول دار الكفر لحاجة.
  ومنها: حسن البحث عن الحلال.
  ومنها: جواز طلب الأطيب والأرخص؛ لأنه قد فسر قوله تعالى: {أَزْكى طَعاماً} أنه أراد أحل وأطيب.
(١) أجازت له ذلك لأنه ليس بلبس للمخيط ولا يجوز للمحرم لبس المخيط وشد الكيس بوسطه ليس بلبس له تمت.
(٢) المصباح المنير ج: ٢ ص: ٦٤١.
الهميان: كيس يجعل فيه النفقة ويشد على الوسط وجمعه همايين قال الأزهري وهو معرب دخيل في كلامهم ووزنه فعيال وعكس بعضهم فجعل الياء أصلا والنون زائدة فوزنه فعلان.