قوله تعالى: {وإن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا}
  فصار الجدال منقسما إلى محظور، وواجب، ومستحب:
  فالمحظور: ما ذكر؛ لأن ذلك كالأمر بالمعروف إذا أدى إلى منكر.
  والواجب: إذا تكاملت شروط الأمر، والنهي، وكان إذا لم يجادل حصل المحظور، أو أخل بالواجب.
  والمندوب: إذا جادل في الرد إلى أمر مندوب ولم يحصل حاضر.
  قوله تعالى: {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً}[الكهف: ٥٧]
  لا يقال: هذا دليل على حسن الأمر بالمعروف، وإن علم الآمر أنّ أمره لا يؤثر؛ لأن التبليغ على الرسول # واجب.
  وأما غيره فقيل: إنه لا يحسن؛ لأنه عبث، وقيل: بل يحسن، واختاره الإمام يحيى محتجا بقوله تعالى في سورة الأعراف: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ}[الكهف: ١٦٤].
  قوله تعالى: {وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً}[الكهف: ٦٠]
  قيل: إنه سئل موسى #: أي الناس أعلم؟ فقال: أنا، فعتب الله عليه حين لم يرد العلم إلى الله، فأوحى الله بل أعلم منك عبد لي عند مجمع البحرين وهو الخضر.
  وقيل: إن موسى # سأل ربه أي عبادك أحبّ إليك؟ قال: الذي يذكرني ولا ينساني. قال: فأي عبادك أقضى؟ قال: الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى. قال: فأي عبادك أعلم؟ قال: الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردى، فقال: إن