تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا}

صفحة 234 - الجزء 4

  وقيل: أراد بالحكم الفهم للتوراة والفقه في الدين.

  وروي أنه دعاه الصبيان للعب، قال: ما للعب خلقنا.

  ومن ذلك قوله:

  واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثمد

  قالت ألا ليتما هذا الحمام لنا ... إلا حمامتنا أو نصفه فقد

  أراد زرقاء اليمامة وهي امرأة يضرب بها المثل في حدة البصر، وكانت تبصر من مسيرة ثلاثة أيام، فنظرت إلى حمام بين جبلين تطير من بعد تسرع إلى الثمد، وهو الماء القليل، فلما وردت الماء فإذا هو ست وستون.

  قوله تعالى: {فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}⁣[مريم: ٢٦]

  اختلف ما أريد بالصوم، فقيل: السكوت عن الكلام، وقيل: الصوم الشرعي، لكنهم كانوا لا يتكلمون وهم صيام، وهذا كان في شريعتهم.

  أما في شرعنا: فقد نسخ؛ لأنه نهى ÷ عن صوم الصمت، وفي الحديث: «لا صمات في الإسلام» فتكون الآية دالة على صحة النذر بالصوم الشرعي.

  وأما النذر بالسكوت: فمنسوخ أي وجوبه، فلو نذر به فقد يكون محظورا إذا وجب الكلام كرد السّلام، وواجبا إذا كان الكلام محظورا فيلزم الوفاء به، وقد يكون مباحا فيبطل نذره عند أبي العباس، وأبي طالب، وعند المؤيد بالله إذا لم يف به كفر.

  وإنما أمرت بالسكوت لأمرين:

  الأول: أن عيسى صلّى الله عليه يكفيها الكلام بما تبرأ به ساحتها.