تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قال سلام عليك سأستغفر لك ربي}

صفحة 237 - الجزء 4

  هذا راجع إلى من سبق، إما إلى النبيين ومن بعدهم، وإما إلى قوله: {وَمِمَّنْ هَدَيْنا}

  وقد استدل من أوجب سجود التلاوة بهذه الآية؛ لأنه لا سجود في القرآن إلا سجود التلاوة، والله تعالى إنما بين صفتهم بالسجود ليقتدى بهم، وهذا قول أبي حنيفة، وصاحبيه: إنه يجب على القارئ والمستمع، لكن إنما يجب في مواضع محصورة.

  ومذهب أكثر الأئمة، والشافعي: أنه غير واجب، ويحملون هذا على الاستحباب، واحتجوا أنه ÷ لم يسجد عند أن قرأ عليه زيد بن ثابت (النجم)، وقد روي أنه سجد، فلما فعله مرة وتركه مرة دل أنه ليس بواجب.

  واحتجوا أيضا بما روي أن عمر بن الخطاب قرأ السجدة يوم الجمعة وهو على المنبر فنزل وسجد وسجدوا معه، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيئوا للسجود فقال عمر: على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء، وكان ذلك بحضرة المهاجرين والأنصار، ولم ينكر عليه.

  واحتجوا بأنها لو كانت واجبة لم يفعلها من قعود على الراحلة في السفر، وبأنها لو كانت واجبة لبطلت الصلاة بتركها.

  احتج الموجبون بقوله تعالى في سورة الانشقاق: {وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}⁣[الانشقاق: ٢١] فذمهم على ترك السجود، أجبنا بأن ذلك في الكفار، أو أراد الخضوع.

  قالوا: قال تعالى: {إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها خَرُّوا سُجَّداً}⁣[السجدة: ١٥].

  أجبنا: بأنه أراد سجود الصلاة أو الخضوع، أو الاستحباب؛ لأن ذلك لا يكون شرطا في الإيمان إجماعا.